متى يوقف لبنان نشر غسيله على سطح.. البحر؟
وضعت سفينة استخراج الغاز من حقل كاريش المتنازع عليه، الدولة اللبنانية أمام اختبار مصيري، وفرضت عليها أن تواجه لحظة الحقيقة بعد سنوات من إضاعة الفرص والهروب الى الامام.
لم يعد هناك من مجال لترف استهلاك الوقت في مهاترات داخلية حول خطوط الترسيم بينما العدو يتجاوز الخطوط الحمراء في وضح النهار، ويقف على باب كاريش استعداداً لشفط الغاز والحقوق قبل حسم مسألة الحدود، ما يشكل تهديداً مباشراً للمصالح اللبنانية.
ويلفت مواكبون لهذا الملف الى أن أغرب ما فيه، منذ فتحه، هو أن الدولة اللبنانية تخوض المفاوضات على الملأ، وتنشر غسيلها الوسخ على سطح البحر، في حين أن مقتضيات الأمن القومي كانت تستوجب التعاطي مع هذا الملف بأعلى قدر من المسؤولية الوطنية وبالتالي إحاطة التفاوض بالسرية الضرورية، ليس من باب إخفاء الحقائق وإنما لتحصين موقع المفاوض اللبناني وتعزيز أوراقه، بدل كشفها.
ويلاحظ هؤلاء أن المعنيين بالتفاوض، من أيام إجتماعات الناقورة حتى الآن، يتبادلون الإتهامات حول التفريط بالسيادة وصولاً الى التخوين ويتنازعون علانية حول ما إذا كان الحق اللبناني يصل إلى الخط 23 ام 29 ولكل منهم حجته، بينما يُفترض أن تبقى التجاذبات والخلافات في الغرف المغلقة، بحيث لا يخرج للعلن سوى موقف رسمي موحد نواجه به طرح العدو من موقع القوة.
ويشير المواكبون لمخاض المفاوضات الى أن كيان العدو، وعلى رغم الانقسامات بين اطرافه حول أمور عدة، يبدو متماسكاً ومتراصّاً في الدفاع عن الباطل بينما نحن نبدو متعثرين ومبعثرين في الدفاع عن الحق.
ويشدد هؤلاء على أن المطلوب إدارة حكيمة للنزاع الحدودي – النفطي مع الاحتلال، لافتين الى أن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى التفاوض وفق الدستور، وبالتالي يجب التوافق على موقف لبناني موحد يدافع عنه الرئيس الذي ينبغي أن يلتف حوله جميع اللبنانيين في هذه المعركة الدبلوماسية، بمعزل عن الخلافات الأخرى، ذلك أن ميشال عون لا يمثل نفسه أو التيار الوطني الحر في هذا التحدي بل هو يمثل كل لبنان وحتى الذين يختلفون معه.
ويشدد أصحاب هذا الرأي على أهمية أن يتعامل المسؤولون مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بمقاربة واحدة، لان وحدة الموقف هي من عوامل القوة الاساسية ليس فقط في مواجهة الاحتلال وإنما أيضاً في مواجهة وسيط غير محايد.